"الرياضات الإلكترونية".. صناعة واعدة تجتذب استثمارات ضخمة

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

يد تحكم الألعاب الإلكترونية.. من ترفيه إلى استثمار ملياري في المنطقة العربية

- الأمين العام لاتحاد الإمارات للرياضات الإلكترونية يرصد لـ CNBC عربية أهم التحولات التي شهدها القطاع 

- الرئيس التنفيذي لـ Holodeck Ventures يُبرز حجم المنافسة بين شركات التكنولوجيا في قطاع الألعاب الإلكترونية

في العقود الأخيرة، شهدت "الرياضات الإلكترونية" تحولاً جذرياً من مجرد وسيلة للترفيه إلى صناعة ضخمة تدر مليارات الدولارات.

تطورت الألعاب الإلكترونية بشكل سريع لتصبح واحدة من أكثر الصناعات نمواً وتأثيراً في العالم، فيما لم تعد تقتصر فقط على الهواة والشباب، بل أصبحت تجذب اهتمام المستثمرين والحكومات في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك بعض دول منطقة الشرق الأوسط، والتي تشهد ضخ استثمارات ضخمة فيها.

بدأت الرياضات الإلكترونية كنوع من الهواية التي تجمع اللاعبين من مختلف الأعمار للاستمتاع بالألعاب التفاعلية في سياق الترفيه. ومع التقدم التكنولوجي وانتشار الإنترنت، تطورت الألعاب الإلكترونية لتصبح منافسات احترافية بعضها يجرى عبر الإنترنت، وتستقطب ملايين المتابعين.

أصبحت البطولات العالمية في الألعاب –ومن بينها بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية في صيف العام الجاري بالسعودية-  تجذب فرقاً محترفة وشركات وحتى رعاة من كبرى الشركات العالمية، مما أسهم في زيادة شعبيتها وتحولها إلى نشاط رياضي معترف به.

تقدر قيمة صناعة الرياضات الإلكترونية بمليارات الدولارات سنوياً، وتشمل الإيرادات من مبيعات الألعاب والبث المباشر والجوائز المالية والإعلانات. كما أنها تخلق فرص عمل جديدة في مجالات متعددة مثل تطوير الألعاب والتسويق وتنظيم الفعاليات.

تلعب هذه الصناعة النامية دوراً كبيراً في الاقتصاد الرقمي العالمي، وتعزز من التنافسية بين الدول.

ما هي الرياضات الإلكترونية؟

يُعرف الأمين العام لاتحاد الإمارات للرياضات الإلكترونية، سعيد علي الطاهر، المقصود بـ "الرياضات الإلكترونية"، بأنها مُحاكاة لتلك الألعاب أو الرياضات الحركية التي تُمارس في الصالات والملاعب وغير ذلك، لكنّ باستخدام الأجهزة والتقنيات الحديثة"، لافتاً إلى أن تلك الألعاب (الإلكترونية) أصبحت لها قوانين مُنظمة واتحادات قارية وإقليمية تُنظمها، علاوة على الاتحادات في بعض البلدان مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.

 ويتحدث الطاهر في السياق نفسه عن أهمية تنظيم هذا النوع من الألعاب أو الرياضات الإلكترونية، مستشهداً بتجربة دولة الإمارات في هذا الصدد من خلال  "اتحاد الإمارات للرياضات الإلكترونية"، والذي يعمل تحت مظلة الهيئة العامة للرياضة، لافتاً إلى التطور الذي يشهده ذلك القطاع؛ لجهة وجود بطولات تُنظم من جانب هيئات واتحادات مختلفة (قارية ودولية)، ومن ثمّ كان يتعين أن يكون هناك فرق تمثل دولة الإمارات في تلك المنافسات، علاوة على أن هناك شركات دخلت السوق الإماراتية وترغب في تنظيم بطولات واستضافة أحداث رياضية خاصة بالرياضات الإلكترونية "وبالتالي كان يتوجب علينا إنشاء مثل هذا الاتحاد لتنظيم هذه المسائل لمواجهة بعض العشوائية التي تحدث".

وفي معرض حديثه مع CNBC عربية، يوضح الأمين العام لاتحاد الإمارات للرياضات الإلكترونية، أن قطاع "الرياضات الإلكترونية" هو قطاع كبير، يتميز بتعدد مستوياته، بما في ذلك بطولات خاصة بالمحترفين، وهي بطولات تُرصد لها جوائز كبيرة.

مساهمة اقتصادية 

الطاهر -الذي أشار إلى تميز قارة آسيا، لا سيما دول شرق آسيا في إنتاج الألعاب الإلكترونية التي تجذب كثيراً من الشباب- يستدل على سبيل المثال بالبطولة التي تنظمها المملكة العربية السعودية في هذا الصيف (صيف 2024) حيث تستضيف بطولة كأس العالم للألعاب الإلكترونية (التي أعلن عنها وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في أكتوبر/ تشرين الأول 2023)، وهي بطولة مستحدثة تجذب أقوى الفرق في مجال الألعاب في مختلف الرياضات الإلكترونية، سواء ألعاب الكرة والألعاب القتالية والألعاب الاستراتيجية وخلافه. كما تم رصد مكافآت وجوائز برقم قياسي يبلغ 60 مليون دولار.

ويشار في هذا السياق، إلى أن المملكة العربية السعودية تُعول على تلك البطولة لتكون رافداً رئيسياً في سياق السعي لتحقيق استراتيجية قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، من خلال المساهمة في تحقيق أكثر من 50 مليار سعودي (13.3 مليار دولار أميركي) للناتج المحلي بحلول العام 2030، وتوفير 39 ألف فرصة عمل جديدة في القطاع، وتحويل مدينة الرياض إلى عاصمة للألعاب الإلكترونية.

يعكس ذلك حجم الحضور الواسع لتلك النوعية من الألعاب، والتي تحوّلت من كونها أداة ترفيهية، إلى قطاع اقتصادي ضخم يقدم فرصاً واسعة، بدءاً من الشركات المصنعة للألعاب والأجهزة ذات الصلة، ومروراً بالمُطورين، وحتى الفعاليات المختلفة في سياق استضافة وتنظيم بطولات الألعاب الإلكترونية.



قطاع واعد في الشرق الأوسط 

في منطقة الشرق الأوسط، تنظر عديد من البلدان إلى قطاع "الألعاب الإلكترونية" على أنه قطاع واعد، وبالتالي تُوجه إليه استثمارات واسعة للاستفادة من الفرص التي يتيحها ومع حجم الإقبال الذي يشهده القطاع، لا سيما من جانب فئة الشباب.

ومن بين أبرز الشواهد على ذلك استثمار المملكة العربية السعودية 38 مليار دولار، من المتوقع أن تؤدي لإنشاء 250 شركة ألعاب وخلق 39 ألف فرصة عمل. كما أعلنت السعودية عن إنشاء مدينة للرياضات الإلكترونية في الرياض بقيمة 500 مليون دولار.

وكشفت كذلك عن أول منطقة للألعاب والرياضات الإلكتروينة في العالم في القدية تهدف إلى جذب 10 ملايين زائر سنوياً.

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة،  أطلقت دبي برنامجاً للألعاب؛ لخلق 30 ألف وظيفة، وإضافة مليار دولار للناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2033 . كذلك تعمل أبو ظبي على إنشاء أول جزيرة للرياضات الإلكترونية في العالم تبلغ قيمتها 280 مليون دولار.


شاهد على CNBC عربية: لماذا يعتبر قطاع الألعاب الإلكترونية في المنطقة مثيراً للاهتمام؟


استثمارات

ويُبرز سعيد الجانب الاقتصادي لهذه الألعاب التي تحولت إلى صناعة كبيرة، موضحاً أن دولاً كثيرة تستثمر في قطاع الرياضات الإلكترونية، منوهاً على سبيل المثال بإطلاق دولة الإمارات "فيزا دبي للألعاب الإلكترونية" لاستقطاب المواهب والمبرمجين والمُطورين "وهذا كله يصب في دعم النشاط الاقتصادي" الناجم عن تلك الصناعة.

في العام الجاري 2024، من المتوقع أن يصل حجم سوق ألعاب الفيديو إلى إيرادات قدرها 282.30 مليار دولار أميركي، بحسب بيانات statista، والتي تشير كذلك إلى أنه من المتوقع أن ينمو القطاع بمعدل سنوي قدره 8.76٪ بين عامي 2024 و2027، مما يؤدي إلى حجم سوق متوقع يبلغ 363.20 مليار دولار بحلول العام 2027.

وبحلول عام 2027، من المتوقع أن يصل عدد المستخدمين في سوق ألعاب الفيديو إلى 1,472.0 مليون مستخدم. ومن المتوقع أن يرتفع معدل انتشار المستخدمين من 16.9% في العام 2024 إلى 18.5% بحلول عام 2027.

ومن بين جميع قطاعات السوق، تمتلك الإعلانات داخل اللعبة الحصة الأكبر بحجم سوق يبلغ 109.60 مليار دولار في عام 2024.

وفي مقارنة عالمية، من المتوقع أن تحقق الصين أكبر قدر من الإيرادات، بمبلغ 94,490.00 مليون دولار أميركي العام الجاري.



شركات التكنولوجيا

وشهد قطاع "الألعاب الإلكترونية" تطوراً لافتاً، من مجرد "ألعاب إلكترونية" من خلال جهاز واحد وبأدوات مُحددة، إلى أفق ومساحات أوسع، بما في ذلك شاشات مختلفة وأنواع متعددة ومبتكرة من أدوات التحكم وكذلك طريقة التحكم عبر "الوايرلس" وخلافه، وسط منافسة بين شركات التكنولوجيا على تطوير أجهزة جديدة، الأمر الذي يشجع بدوره أيضاً الشركات الناشئة في قطاع الذكاء الاصطناعي للانخراط بقوة في هذا القطاع الواسع.

هذا ما يشير إليه الرئيس التنفيذي لشركة Holodeck Ventures، بول دواليبي، والذي يلفت في حديثه مع CNBC عربية، إلى حجم التطور الذي شهده القطاع، مشدداً على أن "ثمة شركات كبيرة في عالم الألعاب الإلكترونية، وشركات تكنولوجية كبرى تنخرط بفعالية، من بينها إنفيديا Nvidia بالنظر إلى بطاقات الغرافيك (كروت الشاشة) المتقدمة التي تنتجها.

كما يتحدث عن ثورة الذكاء الاصطناعي التي جعلت من شركة إنفيديا هي الأكثر حماسة في هذا القطاع (الألعاب الإلكترونية) مع احتكارها لسوق الغرافيكس (في إشارة لشرائح الشركة الإلكترونية المتقدمة المستخدمة في الأجهزة المختلفة) وبما يُطور من أدوات اللاعبين ويمنحهم الخبرة والتجربة التي يبحثون عنها.

ويضيف دواليبي: كل مصنعي الحواسيب (بما في ذلك لينوفو Lenovo ، وديل DELL واتش بي HP وغيرهم) لديهم أقسام للألعاب الإلكترونية، وينتجون الأجهزة للاعبين الإلكترونيين، علاوة على المحتوى نفسه، إذ تقوم عديد من الشركات بتطوير الألعاب الإلكتروينة واستوديوهاتها المختلفة.

ويستشهد الرئيس التنفيذي لشركة Holodeck Ventures، في هذا السياق بعملية استحواذ مايكروسوفت Microsoft  على شركة الألعاب أكتيفيجن بليزارد Activision Blizzard  (بقيمة بلغت 69 مليار دولار أميركي).
ويُنظر إلى الألعاب السحابية على أنها القفزة التالية للصناعة، حيث تقدم خدمات الاشتراك التي تسمح للأشخاص ببث الألعاب تمامًا كما يفعلون مع الأفلام أو العروض على Netflix، كما يمكن أن يلغي الحاجة إلى وحدات تحكم باهظة الثمن، حيث يلعب المستخدمون الألعاب على أجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف المحمولة وأجهزة التلفزيون بدلاً من ذلك.

ولم تعد الرياضات الإلكترونية مجرد وسيلة للترفيه، بل تحولت إلى صناعة ذات تأثير اقتصادي كبير وجاذبية واسعة. 
ومع تزايد الاهتمام الحكومي والاستثماري في هذا القطاع، يتوقع أن تستمر الرياضات الإلكترونية في النمو والازدهار.


🔴ناقشت CNBC عربية مع كلٍ من (الأمين العام لاتحاد الإمارات للرياضات الإلكترونية، سعيد علي الطاهر) و(الرئيس التنفيذي لشركة Holodeck Ventures، بول دواليبي) بعض المخاوف الاجتماعية والنفسية المرتبطة بالألعاب الإلكترونية، وكذلك بعض المزايا التي تتيحها للنشء والأبعاد الإنسانية التي تغطيها أيضاً.. ولمزيد من التفاصيل يمكنكم متابعة حلقة تحت الضوء مع رلى الطراونة: 

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة